غواية الجريمة الاستعراضية
في يوم الاثنين 2 نوفمبر الجاري تم ضبط أشخاص ظهروا في فيديو متداول، وكانوا يطلقون النار في الطرقات العامة بالرياض، وقبل هذا شوهدت فتاة تحمل مسدساً وتهدد به من على دراجة نارية في الطائف، وفي بداية السنة الحالية قبض على شبان ظهروا في مقطع وهم يتعاطون الممنوعات، وكل هذه الأفعال تدخل ضمن ما يعرف بالجريمة الاستعراضية، والمختصون يؤكدون أن مرتكبيها لن يترددوا في القيام بما يحقق لهم الشهرة والانتشار، وأنهم أصحاب شخصيات هستيرية.
تحقيق الجماهيرية أصبح مرهوناً بالأفكار غير التقليدية والشاذة، ومن ذلك قيام مغني الراب الأميركي هيرون بتوثيق جرائمه في كلمات أغانيه من باب التفاخر والاستعراض، وقد استخدمت كلماتها في إثبات إدانته سنة 2015، وحكم عليه بالحبس المؤبد، وشكلت ممارسة العنف ضد الحيوان كما هي حال قناص القطط التونسي، والجرائم ضد الإنسانية في ما يقوم به بوذيو ميانمار مع مسلمي الروهينغا، أدوات لشهرة سلبية طالت المتورطين فيها، إلا أن معظم ردود الأفعال عليها كانت خجولة، ولم تتجاوز حد المشاهدة.
جرائم الاستعراض تأتي في العادة لانتزاع اعتراف مجتمعي بأهمية صاحبها، وتمارسها في الغالب مجموعات من المهمشين والمنبوذين ومحدودي الإمكانات، ولعبت المنصات الاجتماعية دوراً مهماً في ارتفاع معدلاتها وفي محاكاتها، بعد أن وفرت أدوات مجانية وغير معقدة، تسمح بتوثيق الاعتداءات وحالات الانتحار والأعمال غير الأخلاقية وأرشفتها إلكترونياً، لكل أحد وبرقابة لاحقة قد لا تكون فاعلة باستمرار، وبالتالي الوصول إلى الجماهيرية الواسعة بطرق سهلة وسريعة، وقد لجأت الجماعات الإرهابية، ومن أبرزها داعش، إلى الإجرام الاستعراضي المتلفز، من أجل التعريف بمبادئها واستقطاب الأتباع وتجنيدهم لتنفيذ عملياتها.
الجريمة المباشرة والمنقولة في مقاطع الفيديو تمارس غواية خاصة على المشاهد، وقد أصبحت تقدم شكلاً من أشكال الاستعراض، وقد ساهمت في تسويق التوحش والمواد المؤذية والمنحرفة، وخصوصاً في أوساط الشخصيات المهزومة والمريضة والعاجزة عن الفعل، ومن يتورط في هذا النوع من الجرائم يفترض أن يُقرر بحقه عقاب يمنع غيره من مجرد التفكير في تقليده.
نقلا عن الرياض